
بدأت قصة جوهر الصقلى مملوكاً رومياًّ، رباه المعز لدين الله الفاطمى.. وقاده طموحه المبهر إلى ذلك المشهد الرائع، الذى كان يقود فيه جيش الفاطميين لغزو "مصر" ، وهو راكباً فرسه، بينما المعز وال بيته وأمراؤه ووزراؤه يسيرون إلى جواره ليودعوه، متمنيين له الفوز والظفر بــ "مصر" لتكون أيقونة الخلافة الفاطمية فى مصر. كان جوهر الصقلى فى تلك الفترة من حياته، يكتب تاريخاً مميزاً له ولأهل مصر، يصنعه فى مصاف الحكام البارعين والقادة العسكريين والماهرين والسياسيين الدهاة المتميزين، الذين يستوعبون دروس التاريخ بما لديهم من ملكات شخصية رائعة وظروف مواتية حيناً، وغير مواتية أحياناً .. كان أريباً ذا إنسانية بارزة وروح محبة للعمران والنهضة والبناء ونموذجاً حياًّ للوفاء والإخلاص..
كتابنا لايقدم حلقة من حلقات تاريخ مصر، مجردة جافة، لاتتجاوز الأحداث والوقائع فى إطار درس أكاديمي بحت.. وإنما تقدم كل الأعمال والإنجازات الفذة التى حققها "جوهرالصقلى" لتاريخة وتاريخ مصر، فى ذلك القالب، الذى لايلتفت إلية كثير مما يكتبون التاريخ.. ذلك القالب الإنسانى الحضارى، الذى تبرز فيه خلفية الأحداث، بما يموج فيها من مشاعر وذكريات وانثنءات وانتصارات وإخفاقات، كان الإنسان، فيها كلها، هو البطل والمقصد والوسيلة والغاية..