
وحيدًا، وفي تكتم شديد، يجلس ليلا في الغرفة العلوية الهادئة من بيته في سالون، وأمامه حامل من النحاس يرتكز على قوائم ثلاثة، وعليه وعاء صغير به ماء، فيتلو عبارات وتعازيم سحرية، ثم يحرك صولجانًا لامسًا قوائم الحامل، ويرش ببعض الماء أطراف ردائه وقدميْه .. وعندئذ تجيء القُوَى الخفية التي استحضرها، يسمعها ويراها، فيتملكه الخوف ويرتعد، ثم يعتكر الماء ويغيم، وترتسم على صفحته الأحداث التي ستقع مستقبلا، مصوَّرةً أمامه كالمشاهد التلفازية .. فماذا رأى؟
رأى نابليون يُهزم في واترلو، وكينيدي يُصرع في دالاس، وهتلر يشعل الحرب، ولويس السادس عشر يُعدم بالمقصلة، وحريق لندن يندلع، وراسبوتين، والثورة الفرنسية والروسية، وإلقاء القنبلتيْن الذريتيْن على هيروشيما وناجازاكي، والسفر بالطائرات، وظهور موسوليني وديجول وكرومويل وباستير وفرانكو، وتدمير بيرل هاربور، ومحاكمة درايفوس، وقيام إسرائيل، وانهيار برجي نيويورك، و .. مئات الأحداث الأخرى..
إنه ميشيل جاك بيير دي نوستراداموس، أو نوستراداموس فقط .. الطبيب والمتنبئ اليهودي الشهير، الذي مات عام 1556م، ولكن تنبؤاته لا تزال حيةً لم تَمُتْ .. بل وتتحقق حتى الآن!