
كُلُّنا يحكم علي الأعمال بأنها خير أو شر ،صواب أو خطأ ، حق أو باطل. وهذا الحكم متداوَل بين الناس- رفيعَهم ووَضيعَهم- في جليل الأعمال وحقيرها، علي لسان القاضي في المسائل القانونية ، وعلي ألسنة الصُّنَّاع في صنائعهم، والأطفال في ألعابهم. فما معني الخير والشر؟ وبأي مقياس أقيس العمل فأحكم عليه بأنه خير أو شر ؟
وأيضًا نري الناس يختلفون اختلافاً كبيراً في الغايات التى يطلبونها، فيعضهم يطلب المال، وفريق يطلب الاستقلال، وفريق يطلب السلطة والجاه، واّخر يطلب الشهرة، وغيرهم يطلب العلم، وغير هؤلاء يزهدون في كل هذه الأشياء ويوجهون اّمالهم إلي حياة أخري بعد الموت تَرقَي فيها نفوسُهم وفيها يَنْعَمُون.
ولكنَّ نظراً قليلاً يرشدنا إلي أن كثيراً من هذه الغايات لا يمكن أن تكون غايات نهائية، وبعبارة أخري: لا تصلح أن تكون غاية الغايات؛ لأنك لو سألتَ مَن يطلب المال أو الجاه أو العلم لِمَ يطلبه، لعَلَّل ذلك بغاية أخري وراءها كالسعادة ونحوها. فهل لحياة الناس جميعاً غاية واحدة نهائية هي غاية غاياتهم، وهتى التي ينبلغي أن يطلبوها، وهى التى تقاس بها الأعمال، فالعمل إذا قَرُبَ منها كان خيرا وإذا بَعَدَ عنها كان شراًّ؟..وما هي هذه الغاية النهائية ؟
عن كل هذا يبحث علم الأخلاق؛ فهو علم يوضح معنى الخير والشر، ويبيّن ماينبغي أن تكون عليه معاملة الناس بعضهم بعضا، ويشرح الغاية التي ينبغي أن يقصدها الناس في أعمالهم، وينير السبيل لعمل ماينبغي.