
في هذا الكتاب، قام المؤلف بالاجتهاد عند بحث كل نظرية من نظريات ابن رشد الهامة، التي يقوم عليها البحث أو تتصل به.. اجتهد في إرجاعها إلى أصلها إنْ كان أَفَادَهَا من غيره، ومقارنة رأيه بآراء سابقيه، وتحليل العوامل والأسباب التي أدت به إلى تكوين آراء خاصة به في بعض المشاكل، أو اتخاذ طريق خاص في معالجتها.
وسيفعل ذلك فيما ذهب إليه فيلسوف قرطبة من التأويل؛ تأويل نصوص القرآن والحديث التي تتصل بالفلسفة، وتقسيم الناس إلى طبقات، لكلٍّ منها طريقة خاصة في فهم الدين وفي المعرفة تناسب عقلها ومَدَارِكَهَا.
كما سيحلل الدوافع التي دفعت الغزالي إلى الرد على الفلاسفة والتنكيل بهم، والتي جعلت ابن رشد ينصب نفسه للدفاع عن الفلسفة وبيان اتفاقها مع الدين، بل أُخُوَّتِها له، وسيقارن بين جهوده في هذه الناحية، وبين موقف الفارابي وابن سينا أولا، ثم بين موقف ابن باجة وابن طفيل ثانيًا، فقد أحس هذان ثِقَل وطأة الغزالي على الفلسفة والفلاسفة، ومع هذا لم يعملا تقريبًا شيئًا ذا بال في الرد عليه.