
فى هذا الكتابِ، بحث لوبون فى الصفات النفسية للأعراق البشرية، وتغيُّرِ أخلاقِها ومراتبِها، وفى تفاوُتِ الأفراد والعُروق، وفى تكوين العُروق التاريخية، وفى كونِ عناصر الحضارة مظهرًا خارجيًّا لروح الأمة، وفى تحوُّلِ النُّظم والمعتقدات والفنون، وفى تأثيرِ المبادئ فى حياة الأمم، وفى تأثيرِ الديانات فى تطوُّر الحضارات، وفى شأنِ العظماء فى تاريخ الأمم، وفى ذُوِىِّ الحضارات وانطفائها.. فبيَّن فى كتابه هذا أن الحضاراتِ كلَّما تقدمتْ تفاوتتِ الشعوبُ والأفراد، وأن البشريةَ تسيرُ إلى التفاوُت لا إلى المساواة. ومما وجده لوبون أن العروقَ تختلفُ فيما بينها بما تشتملُ عليه من صفوة الرجال، وأن الحضاراتِ تؤدى إلى تفاوتِ الأفراد بالتدريج من الناحية الذهنية، وأن الأممَ كلَّما تقدمتْ فى ميدان الحضارة تَفَاوَتَ الجنسانُ فيها بنسبة هذا التقدم.
وكتابُ «السُّنن النفسية لتطوُّر الأمم» عظيمُ الشأن، وهو لهذا العِظَمِ اتفق له من الأثر البالغ فى أقطاب السياسة ما رَأوْا معه اتخاذَه خيرَ رفيق لهم، حتى إن رئيس جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية، ثِيودور روزڤلت، كان يستصحبه فى حِلِّه وترْحاله مستلهمًا إياه فى سياسته، كما صرَّح بذلك غير مرة.