
ضهرية
(الرحالة المسلمون فى العصور الوسطي)
حين يتحول المصنف التاريخي إلى مادة حية، تتجاوز حدود التسجيل والرصد للحدث التاريخى ومقدماته ونتائجه، كما هو الحال فى الدرس التاريخى اللأكاديمى الجاف؛ الذى يغفل إلىقاء الضوء على خلفيات الأحداث التاريخية بكل أبعادها المتباينة، من تلك البوتقة التى يمتزج فيها العنصر الإنسانى بالعنصر القصصى .
نحن أمام نمط متميز من المؤرخين المسلمين فى العصور الوسطى ، شهد لهم أندادهم الغربيون بتفوقهم فى ملئ فجوات التأريخ ومانشأ بها من فراغ فى التسجيل الحضارى ، وأنهم بالفعل سدوا الفجوة الزمنية بين عهد بطليموس العالم اليونانى، وعهد ماركو بولو العالم البندقى، وأن نتاجهم فى ذلك التأريخ كان أكثر تنوعاً وأشدحيوية وقوة، أكثر بكثير عما سجله المؤرخون الغربيون، كما كان كذلك أعظم اختياراً ونقداً وأكثر فى التفاصيل، عما ورد فى كتابات هؤلاء المؤرخين..
لقد شكلت رحلات هؤلاء الرحالة العرب، المصدر الزاخم للكثير من الجغرافيين؛ فقد كان لهم – على سبيل المثال . شأن عظيم فى مساعدة أعلام الرحالة الغربيين فى مجاهل إفريقية والمحيط الهندى، فى نهاية العصور الوسطى وبداية العصور الحديثة