
كلمة الغلاف الخلفي لكتاب «الحماية الجنائية للحياة الخاصة في القانون الليبي»
إن الإنسان محل عناية اللّـه سبحانه وتعالى منذ خَلَقَه وقَدَّرَ عليه التكاليف؛ ولذا أحاطه بسياج من التكريم يتفق مع مهمته في تلك الحياة. وقد كَفَلَتِ الشرائعُ السماويةُ، وخاصةً شريعتنا الإسلامية، وكذلك المواثيقُ الدوليةُ والتشريعاتُ الوضعيةُ، حقوقًا يتمتع بها الإنسان ويمارسها.. وأَضْحَتْ حماية هذه الحقوق والحريات مظهرًا من مظاهر تقدُّم الدول ورُقِيِّها في شتى المجالات
لكنَّ تشعُّب واتساع نطاق الحياة الخاصة، جعل من الصعب الإلمام بالموضوع من كل جوانبه، كما جعل من الصعب بمكانٍ على أيٍّ من الباحثين أن يضع نظرية عامة للحياة الخاصة.. إلا أنني في هذا البحث، حاولتُ أن أتناول ـ ولو بقَدْرٍ بسيطٍ ـ حمايةَ حق الإنسان في أن تظل حياتُه الخاصةُ بعيدًا عن أعين المتطفّلين، أو انتهاكها من قِبَل السُّلْطة العامة. وقد كان سقف الحماية في التشريعيْن الليبي والمصري لا يتعدى حُرْمَةَ المسكن والتنصّت على المكالمات الهاتفية والاطّلاع على المراسلات، أو حتى حماية الصورة.. في حين نجد أنَّ المُشَرِّعَ الفرنسي قد تكفَّل بحماية الحياة الخاصة للإنسان من جميع جوانبها.
وقد أدىَّ التقدمُ العلميُّ والتكنولوجي إلى ظهور مخاطر جديدة على حرمة الحياة الخاصة. وأمام هذه المخاطر والتحديات، وعدم وجود حماية فاعلة لحرمة الحياة الخاصة من الناحية الموضوعية والإجرائية، لَزِمَ دراسة الأمر من جميع جوانبه دراسة جديدة شاملة.. وهو ما يقدمه هذا الكتاب.