
عاشت مصر والعالم العربي في القرن الماضي حالة مَدٍّ قومي طاغية؛ إذ تَسَبَّبَ الاستعمار الغربي الغَشُوم في تنبيه الحس القومي لدى الشعوب العربية، فسَعَتْ سَعْيَها إلى التخلّص من نِير الاحتلال وتأسيس دُوَل حرة ذات سيادة.. وبرغم أن الطريق أمامها كان غير مُعَبَّد أو مَيْسُور، إلا أنه انتهى على أي حال بالاستقلال العربي الشامل، باستثناء جزء ضئيل في فلسطين لا يزال ينـزّ بالدماء الحارة حتى وقتنا هذا!
وقد كان لرواد الفن والأدب والصحافة أدوارهم الخطيرة في دعم القومية العربية والنظم السياسية المتحررة، ولا سِيَّما بعد قيام ثورة يوليو 1952 بمصر.. فكانت قلوب الجماهير العربية من الخليج إلى المحيط متعلقة بما كان يَتَغَنَّى به الفنّانان الكبيران «محمد عبد الوهّاب» و«عبد الحليم حافظ» على وجه خاص؛ فلقد عُني كلٌّ منهما بدعم ثورة يوليو والنُّظُم العربية المتحرّرة من خلال الأغنية، وكانت لأغانيهما أدوار عظيمة في جذب تأييد الشعوب العربية إلى الحركة القومية النابضة في العالم العربي.
وفي هذا الكتاب رَصْد لما كان لهذيْن الفنانيْن الشامخيْن من جهود فنية محورية خلال «زمن الحلم القومي».. ذلك الزمن الجميل الذي نتمنى جميعًا ـ نحن العرب ـ أن يعود إلى سابق مجده كما كان في زمن «عبد الوهّاب» و«عبد الحليم».