
وصلت دولة الإسلام، في أقل من ثمانين عامًا، إلى ما لم تبلغه أمة أو دولة أخرى
قبلها أو بعدها.. ولم يكن ذلك ليحدث لولا دعائم ثلاث، هى: اقتران القول بالعمل، وتحدي مكارم الأخلاق في السر والعلن، وتوخي الكمال في حالتي الوحدة والاجتماع؛ أي على مستوى الفرد والمجتمع.. تلك الدعائم التي تمثلت جلية واضحة في اجتماع شعوب متباينة، تحت لوائها، من أقصى الشرق عند سد الصين إلى أقصى الغرب في بلاد الأندلس!
لقد تجسد الأساس الراسخ لـ "خير أمة أخرجت للناس" في مبدأ " أن الأمم بالأخلاق".. ولجعل هذا المبدأ أسلوب حياة، كان ذلك الإدراك لحاجة النشء ورجال الغد إلى كتاب، يجمع بين دفتيه تهذيب الطباع وملكة الفصاحة، في آن واحد.. ولم يكن هناك أفضل من مصنف أمير البلغاء بلا نكير، وسيد الحكماء، يجسد هذا الأساس ويرسخه، عبر صفحاته الرائعة من " الأدب الصغير" و "الأدب الكبير"؛ لتطبع نفوس أبناء هذه الأمة على الحكمة والأدب ومكارم الأخلاق