
أُقَدِّم ترجَمةَ »العَقْد الاجتماعىِّ أو مبادئ الحقوق السياسية« لجان جاك رُوسُّو....
فى اليوم الثامن والعشرين من يُونية() سنة 1712 وُلِد جان جاك رُوسُّو فى جِنِيـﭫ.
وكان أبوه إسحقُ ساعِيًّا()، وكانت أمه سوزان بِرْنارد ابنةَ قِسِّيس، وكان جدُّه الأعلى دِيدْيه رُوسُّو قد هاجر من باريس إلى جِنِيـﭫ فى سنة 1550؛ أى أيام الحروب الدينية، وقد استقرت أُسرته، التى هى من أصلٍ فرنسىّ خالص، بهذه المدينة منذ ذلك الحين.
ولم يَعْرِف رُوسُّو أمَّه سوزان برنارد، فقد ماتت بُعَيْد وِلادته، ولم يكن ليجاوِز اليومَ الثامن من عُمُره حينما فَقَدها، فقام أبوه بشؤون تربيته فى البُداءة، ولكن من غير أن يُعْنَى بأمر تهذيبه كما يجب، ومع ذلك فقد تَعَلَّم القراءة ابنًا للسادسة، وطالع مع أبيه كتبًا كثيرة قبل بلوغه العاشرةَ من سِنِيه.
وكان أبوه إسحق نَزِِِقًا عاطفيًّا ذا أَثَرة، ومما حَدَث فى سنة 1722 أن تشاجر هو وضابطٌ فى جِنِيـﭫ قريبٌ للقاضى الذى يحكُم فى الدعوى، فَفرَّ من جِنِيـﭫ خشيةَ القسوةِ عليه، وأقام بقرية نِيُون البعيدة حيث تزوج واستقرَّ حتى آخرِ حياته، وقد نَدَر اجتماعُه بابنه بعد ذلك.
ويقوم بشأن تربيته بعد فرار أبيه خالُه برنارْدُ الذى كان مهندسًا فى مدينة جِنِيـﭫ، ويرسله خالُه هذا إلى كاهنِ بواسِّى، لانْبِرْسيه، ليتعهدَ أمورَه، فقضى عنده عامين، ويُكْسَر مِشْطُُ لأخت معلِّمِه، ويعاقبه معلِّمُه هذا على فعلٍ لم يقترفه، فيألم كثيرًا، ويعود إلى منزل خاله سنة 1724، وتُحْسِن زوجُ خاله معاملتَه، وتَعْطِف عليه.
ويَبْلُغ الثالثةَ عشرةَ من سِنِيه، ويَجْعَلهُ خالُه تلميذًا لدى مُوَثِّقٍ على الرغم منه، ويزدريه معلمه لعدم نجاحه، ويُعِيدُه إلى خاله، فيرسله إلى نَحَّاتٍ فى سنة 1725، ويُحِبُّ فَنَّ النحت، ولكن النَّحَّات يَقْسُو عليه، ويُكْثِر ضربَه ويجعله بائسًا مَكَّارًا خبيثًا، وفى سنة 1728 حين كان فى السادسَ عشرَ من عمره، ذهب مع أصدقاءَ له للنزهة خارجَ جِنِيـﭫ، ولما عاد مساءً وَجَدَ أبوابَ هذه المدينة مُقْفَلةً، فَتَمثَّلت له غِلْظةُ أستاذه، ولم يَرْجِعْ إليه، وصار يَطُوف حَوْل جِنِيـﭫ أيامًا ويعيش مع الأشرار فانحطَّ.
ويَقْصِد رُوسُّو دَيْرَ كُونْفِنْيُون بمديرية سافوا الإيطالية، ويُلَقِّنه كاهنُ هذا الدير، بُونْـﭭـِيرُ، مبادئَ الكثلكة، ويُبْعِدُه من الـﭘرُوتستانية التى كان يدين بها، ويُرْسله إلى مدام دُوﭬـارِنْز بمدينة أَنْسِى، وكانت هذه السيدة بالغةَ الجمال فحاولت أن تجعله كاثوليكيًّا مقبولًا فى مدرسة كاتِشُو مِن بتُورِين حيث ارتدَّ عن اليرُوتستانية.
وَجَد رُوسو رجالَ دير تُورِين فاسدى السيرة، ووَدَّ لو يَنْجُو منه، فساعده على الخَلاَص كاهنٌ عَطُوفٌ قام بزيارةٍ عابرةٍ لذلك الدير، وهكذا هَرَب رُوسُّو منه ليعود إلى سابق فقره.