
هو تعريف بـ «ابن خلدون» من حيث هو تعريف بفلسفته الاجتماعية، إذ يقدّم شرحًا مبسطًا ـ وعميقًا كذلك ـ لعلم «ابن خلدون» (علم العمران) كما أسسه وبناه.
لقد قام مشروع «ابن خلدون» الفكري على اكتشاف العوامل التي تهيمن على المجتمعات البشرية وتحكم تطور الدول، أو بمعنى آخر: دراسة الأطوار الحضارية ومقومات نهضتها أو مسببات تداعيها. وبهذا فقد أحدث «ابن خلدون» في علم التاريخ نقلة فكرية عظمى، تمثلت في التحول من السَّرْد الساذج المُصْمَت للحوادث والوقائع، إلى الوقوف أمام سُنَن التاريخ التي تحرّك الأمم والجماعات.. إما إلى الخلف (نحو التخلف) أو الأمام (نحو التحضر). وسنجد بين ثنايا هذا المشروع الخلدوني شرحًا لنظرياته الاجتماعية، وإجابات عن أسئلة علم الاجتماع الكبرى، من مثل: كيف تقوم الدول؟.. وما أصل البيوت الحاكمة؟.. وكيف تنهار الممالك والسلطات السياسية؟
وفي هذا الكُتَيِّب الوجيز، قام عالم الاجتماع الفرنسي «غاستون بوتول» بربط نظرية «ابن خلدون» بخيوطها التاريخية والسياسية والدينية والحضارية، ثم بخيوطه النفسية التي تصارعت داخل ذاته، وبهذا أعطاها إطارًا نظريًّا قويًّا يجعلنا ننظر لتجربة «ابن خلدون» بعين الاعتبار. وهو يرى ـ بوصفه غربيًّا ـ أن العلماء العرب أمثال «ابن خلدون» قدموا نموذجًا للحضارة سرعان ما أخذه عنهم علماء الغرب. ثم يختم دراسته واصفًا «ابن خلدون» بأنه مبشر عبقري بعلم من العلوم لم يطوره أحد بعده، ومن ثَمَّ كانت ’مقدمة ابن خلدون‘ آخرَ نور فيما سُمِّيَ بحق "طَوْر النهضة العربي" الذي وَجَبَ انتقال مِشْعَلِهِ إلى أوربا فيما بعد.
لقد استحق «ابن خلدون» أن يكون عَلَمًا من أعلام التاريخ الذين تركوا بصمتهم واضحة على الأجيال.. ومن ثم وَجَبَ على «دار العالم العربي» أن تقدّم هذا الكتاب النفيس عن حياته وفلسفته الاجتماعية إلى قراء العربية.