
يعتبر هذا المؤلف خلاصة ما اكتسبته من خبرات عملية أثناء قيامي بأعمال حفائر عديدة ومتنوعة خلال عملي بالمجلس الأعلى للآثار (وزارة الدولة لشئون الآثار حالياً) في الفترة منذ عام 1987م حتى عام 2002م، لذلك فكانت المصدر الأهم الذي اعتمدت عليه الدراسة في هذا المؤلف.
ومن خلال تدريسي لطلبة كلية الآثار ـ جامعة الفيوم لمادة فن المتاحف والحفائر فقد شعرت بأن هناك حاجة ملحة لإصدار مؤلف عن علم التنقيب عن الآثار باللغة العربية يواكب الأساليب العلمية الحديثة التي يتم تطبيقها في هذا الميدان خاصة وأنها تعتبر من أهم الدراسات التي يقوم الطلاب بدراستها في كليات الآثار وأقسام الآثار بكليات الآداب بالجامعات المصرية فمن خلالها يتم تأهيل طلبة الآثار للعمل بحقل الآثار.
لذا فإن علم التنقيب عن الآثار هو السلاح الذي يتسلح به الأثري عند قيامه بعمل حفائر، فالحفائر هي صميم عمل مفتش الآثار قبل أن يمارس الأعمال الإدارية فطبيعة عمل مفتش الآثار تنقسم إلى شقين الأول منهما هو العمل الفني التخصصي والذي يهتم بالحفائر في المواقع الأثرية وتوثيقها ونشرها علمياً، والآخر هو العمل الإداري الخاص بتنظيم هذه الأعمال والحفاظ عليها والتعامل مع المجتمع من خلال تشريعات وقوانين صادرة بقرار جمهوري والذي صدر منذ عام 1983 رقم 117 والخاص بحماية وصيانة الآثار والذي تغير بإصدار قانون جديد يغلظ العقوبة على كل من تسول له يده العبث بالتراث المصري القديم والذي صدر في عام 2010م برقم 61.
أيضاً أخصائي علاج وصيانة الآثار (المرمم) والذي له دور هام وخطير في موقع الحفائر والذي لا غنى عنه أثناء الحفائر مع فريق العمل فهو الذي يتعامل مع الأثر المكتشف لحظة ظهوره وحتى وصوله بسلام إلى مخزن آثار المنطقة أو المتحف واستمرارية التعامل معه.
وقبل أن نتناول علم التنقيب عن الآثار كان من الضروري أن نلقي الضوء في الفصل الأول على مفهوم علم الآثار الذي تُمارس من خلاله أعمال التنقيب عن الآثار فالأثري الذي يقوم بأعمال التنقيب عن الآثار وليس لديه دراية بمفهوم علم الآثار فإن شرحه وطريقة عرضه لهذه الأعمال من حيث مبادئها وأهدافها ونتائجها قد تكون ناقصة وغير مفهومة، ومن هنا جاءت أهمية حديثنا عن مفهوم علم الآثار والمشكلات التي يعاني منها سواء أكانت طبيعية أو بشرية ثم الهدف من هذه العلوم الأثرية، ويلي ذلك الحديث عن تاريخ علم الآثار حتى يكون لدى الدارس خلفية عن تاريخ هذا العلم، وكذلك تاريخ علم التنقيب عن الآثار والمشكلات التي يعاني منها، ثم أهمية الدراسات البيئية في علم الآثار، وأعقبنا ذلك بأخلاقيات هذا العلم التي يجب أن يتحلى بها كل أثري أو مرمم يعمل بحقل الآثار وهذا يمثل محتوى الفصل الأول من الدراسة.